اياد حسين
عدد الرسائل : 550 الدوله : تاريخ التسجيل : 22/02/2008
| موضوع: العراق وطن الاباء والسويد وطن الابناء الأحد 8 فبراير - 12:39:44 | |
| العراق وطن الأباء.. والسويد وطن الأبناء
بهذه العبارة القصيرة، لخص (عراقي ضايع) مشكلة وطن وخمسة أجيال متلاحقة منذ سقوط الملكية في مجزرة قصر الرحاب وتولي عبد الكريم قاسم الحكم في العراق منذ ذلك التاريخ في دورات متعاقبة من الدم والجهل والإستبداد في بغداد عاصمة الرشيد . نعم كان العراق وطن الأباء بالنسبة لنا نحن جيل الستينيات ، كنا نسمع من أباءنا عن ذكريات جميلة مؤرخة في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، لم نعش تلك الأيام ولكن الأباء -رحمة الله عليهم جميعا - كانوا بارعين جدا في نقل أجواء تلك الامسيات والذكريات الرائعة إلينا نقلا تصويريا يقترب من الواقع وكأنهم يمثلونها، فترى أعينهم تبرق بالحنين والشوق إلى أمن أفتقدوه، وإلى صحبة جميلة أنفرطت حباتها كل في بلد يسبحون.
حين يعبر شخص عن وطنه، وينسبه إلى أبيه، ثم يعبر عن وطن غربته وينسبه إلى أبنائه، فأنه بذلك يلغي نفسه من أي انتماء إلى أي وطن، لا انتماء إلى الوطن الأم، حيث أنه لم يعش فيه بكرامة ولم يشعر فيه بمواطنته وحريته وحقه كما كان يسمع تلك الأمتيازات كلها من أبيه الذي كان له وطن في الأربعينيات والخمسينيات، وطن كفل له العيش الكريم والزرق الكريم وكفل له سقفا يأويه وعائلته، وأماكن ترفيه وسينمات وحدائق ونواد أمضى فيه الاب ساعات وأيام جميلة مع أصحابه، اما هو فقد قاسى في ذلك الوطن أياما صعبة، وضع أحلامه في خوذته وترقب الموت في أي لحظة في سواتر طينية ، ياكل فيها طعاما لا ياكله البشر، ويبول فيها ويقضي حاجته الحيوية، ثم ينام فيها في انتظار موت ياتيه، فأن لم يخطفه، سيخطف رفيقه او جاره او صديق العمر، ، وقاسى أياما وهو يرجف من البرد على قمم الجبال في شمالي الوطن وهو يحارب أعداء الوطن من الخونة الانفصاليين والفرس على العرب حاقدين ، وهو ينتظر قدوم ذباح غدار ليهجم على الربية في الليل ليذبح الفصيل كالشاة، تلك البعقة العزيزة من الوطن صارت حراما عليه وهو الذي أعطى دمه هناك، وشاهد رؤوس أصدقائه تتدحرج من القمم إلى اودية سحيقة.
أما وطن أبنائه، وطن غربة بالنسبة له، لكنه وطن ضمان لأبنائه، فأبنائه سيعيشون فيه حاملين جنسية يعتزون بها، جنسية تضمن لهم كرامة الحياة وتصون لهم بشريتهم وإنسانيتهم، لن يضطروا إلى أكل علف الحيوانات ولا الوقوف في طابور من أجل طبقة بيض ، وجنسية تكفل له ضمانا صحيا مدى الحياة وتعليما راقيا وحق التعبير عن الرأي وقول لا للمخطى حتى لو كان أعلى رأس في الدولة.
حين كنا ندرس في علم الكيمياء في المتوسطة عن حالة التسامي (وكان المثال المذكور هو النفثالين – سم الصراصر والحشرات) كنا نتعجب كيف تمر المادة من الحالة الصلبة إلى الغازية دون المرور بالسائلة، ولكننا الآن نستوعب ذلك جيدا تماما، حين نكتشف عراقيا ضائعا كان لأبيه وطن، ولأبنه وطن، وعاش هو طول عمره بلا وطن.
(المقال منقول)
| |
|
هـمسـه
عدد الرسائل : 2936 العمر : 38 الدوله : تاريخ التسجيل : 20/04/2008
| موضوع: رد: العراق وطن الاباء والسويد وطن الابناء الإثنين 9 فبراير - 9:08:08 | |
| | |
|