هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نبي الله نوح عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هـمسـه


هـمسـه


انثى
عدد الرسائل : 2936
العمر : 38
الدوله : نبي الله نوح عليه السلام Male_e10
تاريخ التسجيل : 20/04/2008

نبي الله نوح عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: نبي الله نوح عليه السلام   نبي الله نوح عليه السلام Icon_minitimeالسبت 13 يونيو - 3:02:23


قصص الأنبياء

نبي الله نوح عليه السلام

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



جد سيدنا نوح هو سيدنا إدريس عليه السلام، وبين سيدنا نوح وبين سيدنا آدم عشرة قرون، وذلك حسب حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء فيه: سُئل رسول الله: أنبي كان آدم؟ فقال: نعم نبي مُكلَّم. فسُئِل: يا رسول الله فكم كان بينه وبين نوح؟.. قال: عشرة قرون" رواه مسلم.

ولكن البخاري لديه رواية مختلفة عن رواية مسلم فيقول: "كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام".. أي أن الأرض ظلت بدون شرك عشرة آلاف سنة، والكفر والشرك حدثٌّ شاذ على الأرض.. ولذلك يأبى الله أن تختم الأرض عكس ما بدأت، فالإسلام قطعا سيعود..

يقول النبي صلى الله عليه وسلم تأييدًا لهذا المعنى: "إن الله زوى لي الأرض فرأيت أن ملك أمتى سيبلغ ما زوى الله لي من الأرض".. ولكن كل ذلك من أجل أن نرتبط بديننا أكثر، وأن نشعر بالفخر بديننا أكثر؛ لأن هذا هو أصل الأرض وما ستنتهي عليه الأرض؛ ولذلك سيدنا نوح كان دينه الإسلام، وهو دين الأنبياء جميعا، يقول الله تبارك وتعالى على لسان نوح:

{فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (72) سورة يونس.

وسيدنا إبرا هيم يقول هو وسيدنا إسماعيل وهما يبنيان الكعبة:

{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (128) سورة البقرة.

وكذلك سيدنا يعقوب عليه السلام كما جاء في كتاب الله: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (132) البقرة.

وكذلك كان قول سيدنا موسى عليه السلام:

{وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} (84) سورة يونس.

وكذلك كان عيسى عليه السلام:

{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (52) آل عمران، ويقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسلَامُ} آل عمران..

وبالعودة لما رواه البخاري وأن بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام؛ فإن ذلك يوضح لنا لماذا طوال هذه المدة لم يرسل الله نبيا سوى إدريس عليه السلام، وذلك لأن الأرض كانت مسلمة والأرض كانت مستقيمة، غير أن هذه الفترة من الزمن وجد بها علماء أجلاء كانوا مصابيح هدى، ولكن كان بينهم خمسة علماء متميزين جدا وكانت أسماؤهم: ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسرا، وقد أحبهم الناس وتعلقوا بهم.


ولكن حدث -كنتيجة لهذا التعلق- أن أمسك الشيطان بحبل محبة هؤلاء بمرور الزمن وبعد موتهم ليحول محبتهم إلى فتنة، فذهب إلى من تعلقوا بهم، وقال لهم ابنوا للخمسة تماثيل تشبههم من باب الوفاء لهم، لكنه في هذه المرحلة لم يزين لهم عبادتهم، وذلك لأنه لا يستطيع أن يقنع الجيل الأول الذي عاش معهم أن يعبدهم.

ولكن الشيطان الرجيم الذي لا ييأس من غواية الناس انتظر حوالي خمسين سنة بعد رحيل الجيل الأول، وذهب إلى الجيل الثاني وقال لهم إنه أولى بهم أن يطوفوا حول التماثيل تذكرة بهم فيكونوا أقرب إلى الله وإلى هؤلاء.

ولقد زين لهم عبادتهم وأوهمهم أنها ستقربهم من الله أسرع مما يظنون.. فسجدوا لهذه التماثيل وعبدوها، وقد عمل الشيطان على ذلك لمدة ثلاثة أجيال.. حتى وصل الأمر إلى هذا الشرك الذي ذكره الله في كتابه المبين.

وماذا عن حياة سيدنا نوح؟

إن عمر سيدنا نوح يمكن تقسيمه إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: من الولادة إلى البعثة، وقالوا إنها 50 سنة لأن متوسط عمر الأنبياء عند التكليف بالدعوة بين 40 و50 سنة.
والمرحلة الثانية: 950 عاما، وهي مدة دعوته إلى حدوث الطوفان.
المرحلة الثالثة: من بعد الطوفان واستقرار الأرض على الإيمان وحتى الوفاة.
ويمكن القول بأنه أطول الأنبياء عمرا، حتى إن عمره أطول من عمر سيدنا آدم، فعمر سيدنا آدم هو 940 سنة، ولكن بهذا الشكل يصبح عمر سيدنا نوح أكثر من الألف عام.

يقول العلماء إن سيدنا نوح قضى 950 عاما صعبة في دعوة قومه، و50 سنة فقط هي السنين التي نعم فيها بالراحة، وتقول الآيات: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِم أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}(14) العنكبوت.

ويقول العلماء إنه ظل 950 سنة يدعو قومه ولم يؤمن به إلا 80 فردا فقط فكأنما كل 12 سنة يؤمن به وبرسالته واحد فقط.
ومع ذلك تعرض للإيذاء؛ فكانوا يبرحونه ضربا، ويلفونه في حصيرة كأنها كفنه، ويلقونه في التراب، فيتماثل للشفاء ويعود ليدعوهم إلى الله، ولكن الناس كانوا ينتظرون أن يبلغوا أبناءهم ويقول الواحد منهم لبنيه إياكم أن تتبعوا نوحا ما حييت، ولذلك عُدَّ من أولي العزم من الرُّسُل.. ولم يسلم من ألسنتهم؛ فمرة يقولون عليه به ضلالة، كما جاء في كتاب الله: {قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}، ومرة يصفونه بالجنون، ومرة يهددونه بالقتل...

ولنتأمل معا سورة نوح، يقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}. فانظر إلى استخدام سيدنا نوح لنفس العبارات التي استخدمها الله لتبليغه بالأمر؛ فعندما قال له الله: {أَنذِرْ قَوْمَكَ}.. وجّه سيدنا نوح حديثه إلى قومه قائلا: {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}..

وانظر إلى الآية الثالثة: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.. ستجد أن الكلمات هي نفسها التي استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته؛ فالدعوة واحدة لم تتغير منذ آدم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

ولكن مع استمرار كفرهم وعنادهم ما كان من سيدنا نوح إلا أن قال متحدثا إلى الله تبارك وتعالى وكأنه يقدم تقريرا يؤكد فيه أنه فعل أقصى ما يستطيع: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (Cool ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا...}.

فهل استجاب قومه؟ لا لم يستجيبوا، بل إن الله تعالى أخبره أنه لن يؤمن معه إلا من قد آمن، قال تعالى: {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون، واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون} ... وجاء عقاب الله للكافرين..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هـمسـه


هـمسـه


انثى
عدد الرسائل : 2936
العمر : 38
الدوله : نبي الله نوح عليه السلام Male_e10
تاريخ التسجيل : 20/04/2008

نبي الله نوح عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: طوفان نوح   نبي الله نوح عليه السلام Icon_minitimeالسبت 13 يونيو - 3:13:07

طوفان نوح

مرت قرون وسيدنا نوح ثابت على الدعوة وقومه أجيال بعد أجيال يتواصون بتكذيبه ورفض دعوته ويتفقون على هذا التكذيب لدرجة أن الأب عندما يستشعر اقتراب الأجل كان يوصي أولاده بألاّ يتبعوا دعوته، فتوارثوا جميعا تكذيب نوح عليه السلام وهجر دعوته إلى الله.

تعالوا نعيش مع الآيات من سورة نوح..: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7)ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (Cool ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9)..}

وبداية نقول إن المتدينين خمسة أنواع:

النوع الأول: الذي يسمع ولديه معلومات دينية كثيرة جدا ولكنه مجرد أذن لا أكثر..

النوع الثاني: هو الذي يصلي ويصوم ولا يفعل الكبائر، لكن قلبه ليس مع الله، والعلاقة بينه وبين الله فاترة..

النوع الثالث: يريد أن يتقرب إلى الله أكثر بالعبادات..

النوع الرابع: لا يزيد على النوع الثالث سوى في أنه يريد أن يأخذ أصدقاءه وأقاربه في طريقه "طريق الهداية"..

النوع الخامس: يعيش لربنا وهدفه في الحياة هو القرب من الله ودخول الجنة دون أن يتخلى عن أداء دوره في الدنيا بحيث يجعل حياته بما فيها من أعمال دنيوية فيها إرضاء لله..

ولذلك نحن نسرد قصة سيدنا نوح لكي تسعى إلى أن تكون من هؤلاء الذين يعملون لدينهم دون تقصير في أمور دنياهم، وأول درس نستطيع أن نخرج به من الآيات السابقة هو أهمية الدعوة إلى الله.. حتى تستقيم الحياة.

ولكن على الداعي قبل ذلك أن يتودد إلى من يدعوهم، وإلا فلا فائدة من دعوتهم؛ فالأصل أن تكون على معرفة وثيقة بهم.. والدعوة وظيفة الأنبياء، والعلماء من بعدهم، وتستطيع أنت أيها المسلم صاحب الخلق أن تدعو لمكارم الأخلاق بالكلمة الطيبة وبالقدوة الحسنة، ثم انظر لرحمة الله بك إذ جعلك وسيلة لتأخذ بيد قريب أو صديق.. فأحد التابعين يقول: "إنني كلما أخذت بيد إنسان فاستجاب لي شبِعت نفسي وارتوت، وأصبح لا حاجة لي في مأكل ولا مشرب".. والوصول إلى هذا الشعور هو دليل الإيمان ..

فإذا تساءلنا وماذا يمكن أن يقول الداعي إلى الله؟ فإن الإجابة جاءت على لسان سيدنا نوح في: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} أي أنه بدأ بالترغيب وليس الترهيب، فلم يقل إنك يا فلان ستدخل جهنم ولكنه بدأ بالأمر اليسير، مطالبة قومه بالاستغفار ووعدهم بأن في مقابل ذلك سينالون الخير كله.. فانظر للآيات: {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12)}

لقد ظل سيدنا نوح يدعو قومه، فكان نتيجة دعوته قرابة العشرة قرون أنه لم يؤمن معه إلا 80 شخصا فقط، ولنقرأ ما جاء في الكتاب الكريم في سورة نوح على لسان سيدنا نوح: {قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا (25)}

نعم لقد فعلوا كل هذا فحق عليهم العذاب، وكتب عليهم الغرق وبدأ سيدنا نوح يدعو ويقول: {وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27)}.

وهنا يظهر سؤال: هل يصح لنبي أن يدعو على قومه؟
إذا كنت تريد أن تعرف فافتح معي سورة هود.. وبالتحديد الآية رقم (36) تقول الآية: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)}.. عرفت متى دعا عليهم؟ عندما قال له الله لقد انتهى الأمر ولن يؤمن معه أكثر ممن قد آمن بالفعل فهنا فقط دعا على من لم يؤمن معه من قومه..

وانظر للآيات التي تليها تجدها تتحدث عن بداية الطوفان، أي منذ بدأ سيدنا نوح في صنع الفلك، وتعرفون أن العلماء يقولون إن صنع الفلك استغرق 300 سنة كاملة، رغم أنه ليس هناك عليه دليل من كتاب أو سنة.. ولكني أرى هذا الرقم منطقيا لسبب واحد هو أن سيدنا نوح كان يعيش في صحراء جرداء ومطلوب منه أن يصنع سفينة تتسع لكل زوجين اثنين من كافة المخلوقات الموجودة وقتها وهو بحاجة إلى أخشاب ومستلزمات كثيرة فمنطقي جدا أن يستغرق الأمر كل هذه السنوات لكي ينجح في بناء السفينة منذ أن جاء له الأمر من الله، والذي يظهر في الآية الكريمة من سورة هود: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (37)}.. وتذكر أن سيدنا نوح تحول لمزارع يزرع الأشجار لكي يستخلص منها الخشب الذي يبني به السفينة الضخمة بعد ذلك..

ثم يبني السفينة، وتتوالى الآيات الشارحة لذلك: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)} مع أن موقف سيدنا نوح الظاهري أنه في موقف ضعف أمام قومه ولكن انظر إلى عزته وهو يقول لقومه: {إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} ويستكمل فيقول: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (39)} حتى جاء أمر الله له بعد انتهائه من بناء السفينة: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)} و"فار التنور" تعني: "عندما أمر الله نوحا بأن يبني السفينة لم يذكر له ميعاد الطوفان ولكن أعطاه إشارة وهي أن فرن منزله سوف يبدأ في إخراج فقاعات من المياه وهذا معنى و"فار التنور".

فبمجرد ظهور هذه الفقاعات يسرع سيدنا نوح بأن يضع من آمن معه في السفينة لأن بعدها بقليل ستبدأ الصحراء في إخراج كميات هائلة من المياه، وسيكون هذا هو الطوفان ويبدأ الإغراق.. وهناك أيضا سؤال مهم جدا: لماذا وضع الله لنوح علامة ولم يقل له على ميعاد الطوفان بالتحديد مثلما فعل مع سيدنا لوط وصالح بأن حدد لهم الدقيقة والساعة؟

لأنه لو حدد له ميعاد الطوفان ستكون علاقة المؤمنين مع سيدنا نوح علاقة مفككة، لكن لو هو لم يعرف الميعاد ستكون علاقته بهم متماسكة حول بناء السفينة في انتظار الإشارة. فالهدف هو أن يكون هناك وحدة بين سيدنا نوح والمؤمنين..

وبنى نوح السفينة، وأمره الله أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين من أجل الحياة الجديدة التي ستبدأ بالمؤمنين فقط.. وانظر لتلك الآية: {وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ}.. فلماذا لم يضع أهل سيدنا نوح مع المؤمنين.. ألم يكونوا كلهم مؤمنين؟! الحقيقة لا.. فعائلة سيدنا نوح كانت مقسمة ثلاث فئات:
أب وأم مؤمنين.. وزوجة كافرة.. وأولاد أربعة: واحد كافر وثلاثة مؤمنين..

وهنا سؤال: لماذا لم يُطلِّق نوح امرأته ذات العقيدة الفاسدة والتي لم تؤمن معه؟ لأن الطلاق لم يكن سهلا أبدا حتى مع كفر امرأته..

نعود ونستكمل، القصة حيث انطلقت السفينة ولكن قبل ذلك قال سيدنا نوح: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41)}... ولكن لماذا قال: {إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}؛ لأن المؤمنين كانوا في شدة حالات الخوف وهم على متن السفينة فأراد أن يطمئنهم، وبعضهم عنده ذنوب فخاف أن يغرق بذنوبه..

ثم: {وهيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44)}

وبدأت الحياة من جديد على أساس من الإيمان بالله، ولكن إلى حين فمعركة الشيطان مع الإنسان مستمرة إلى يوم القيامة..

ونختتم حديثنا عن قصة سيدنا نوح بموقف للإمام الشافعي، إذ جاء رجل إلى الإمام الشافعي فقال: "يا إمام عليَّ ديون فانصحني" قال له: "استغفر الله" ويأتي له شخص آخر فيقول: "يا أمام امرأتي لا تلد.. انصحني" قال له: "استغفر الله" فقيل له فيما معناه ألا يوجد شيء آخر تقوله لنا.. فقال: "قال الله عز وجل: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12)} وهكذا يمد الله الذاكرين المستغفرين بعطاء الدنيا والآخرة.

فاللهم قنا شر وساوس الشيطان وقنا شر أنفسنا..
واغفر لنا وارحمنا.. وتولنا فأنت أرحم بنا منا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نبي الله نوح عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سيدنا القذافي عليه السلام ورحمة الله وبركاته
» هل تعلم لماذا بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، و بكى جبريل ؟
» اسلحة نبي الرحمة عليه الصلاة و السلام
» هل تريد ان تعرف كل شيء عن الرسول عليه السلام ؟
» حبيبي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات الاسلاميه :: أسلاميات-
انتقل الى: