أرادت تطليقه لتهرب بالمال وحدها فخسرت كل شيء
بقلم عادل سالم
كان جورج آدمز العجوز الأبيض الذي تجاوز عمره الستين عاما يعرف بقرارة نفسه أن زوجته بريندا التي تصغره بتسع سنوات، سوف تتركه يوما ما، لأنها بدأت في السنوات الأخيرة تتذمر منه، ومن الحياة معه رغم تلك السنوات الطويلة التي عاشاها معا، وكانت حجتها دائما أن جورج لم يعد يقوم بواجبه تجاهها، لكن هو كان له رأي آخر حيث يقول:
- إن عينيها فارغتان، فهي امرأة تعشق ذلك الشيء حتى الثمالة، وتعتبره كالشراب يجب أن يمارسه الزوجان يوميا، ولأنه أصبح فقيرا من النعمتين فقد بدأت تبحث عن غيره، وهو لم يستبعد خيانتها له، لكنه يضطر أحيانا للسكوت لأنه تجاوز الستين ولا يريد أن يبقى وحده في البيت. فما أصعب أن يدب بك المرض وأنت عجوز تجاوز الستين تنادي في البيت على من يساعدك فلا تسمع سوى صوتك يعود إليك من جديد.
في أحد الأيام جلست بجانبة والسرور يملأ عينيها
- جورج، تعرف أننا قضينا معا وقتا طويلا وكانت لنا معا قصة حب طويلة، (صمتت ثم أكملت) لكنك تعرف حبيبي أن حياتنا أصبحت روتينا مملا، فلماذا لا نلجأ إلى الطلاق وليجرب كل منا حياته بعيدا عن الآخر، ولا مانع أن نبقى أصدقاء، أو حتى عاشقين.
- ما الذي في هذه الجمجمة يا بريندا، أنا أعرفك ولا داعي لتمثلي علي دور العاشق الولهان، هل وجدت من يملأ الفراغ العاطفي الذي طالما حدثتيني عنه؟
- أوووه جورج لا تكن مملا، باختصار لماذا لا ننهي حياتنا الزوجية، ونقدم طلبا للمحكمة بالرضى ودون مشاكل
- أية مشاكل؟
- لو ذهبنا إلى المحكمة مختلفين فقد تستغرق المحكمة سنة أو أكثر، لكن لو كنا متفقين فلن تستغرق سوى شهر أو اثنين، أنا من جانبي لا أريد منك شيئا فقط أريد أن أستريح من الروتين القاتل. حياتنا الزوجية طالت أكثر من اللازم، ألا تمل مني بعد؟ فكر جورج قليلا وقال لها بعد أن عرف أن لا مجال لاستمرار حياته معها:
- سأوافق مضطرا، بعد أسبوع قدما طلبا للمحكمة عن طريق محاميهما.
في الجلسة الأولى، سأل القاضي أسئلته الروتينية بعد أن أقسم كل من الزوجين اليمين القانونية:
- سيد جورج هل كل المعلومات الموجودة في هذه الأوراق صحيحة، وهل كل ثروتك مسجلة هنا حسب الأصول؟
- نعم سيدي القاضي،
- سيدة آدمز، هل كل المعلومات هنا صحيحة؟ ألديك أموال لم تصرحي عنها مثل مجوهرات أو سندات؟
- لا كل شيء في الأوراق صحيح ونحن متفقان على ذلك.
- حسنا تؤجل الجلسة حتى الثامن من حزيران، يونيو القادم الساعة العاشرة صباحا للنطق بالحكم.
رغم الملل الذي اعترى حياتهما الزوجية فقد كان جورج آدمز يحرص أن يستمر زواجهما، فعلى الأقل يجد من يؤنسه في وحدته، فرغم مساؤئ زوجته تعود عليها، فقد مر على زواجه منها أكثر من ثلاثين عاما.
لا أعرف مَنْ غيرّها بهذه السرعة، والأدهى تنازلها عن حصتها في البيت الذي يأويهما، وكأنها ذاهبة إلى بيت آخر أفضل منه. لا أصدق كل ما قالته، لا بد أن في الأمر سرا كبيرا، لكن كل ما يهمني الآن هو أن أبحث عمن تؤانسني بقية العمر، ربما آن لي أن أبدأ بالتردد على البارات والمطاعم لعلي أتعرف على إحداهن.
السابع من حزيران، غدا موعد المحكمة، جلس جورج في بيته وحيدا يعد الساعات للمحكمة . روتين ممل، عزلة رغما عنك، زوجة باعتك رغم عشرة العمر الطويلة. رغم ذلك سأجد أنيسا أفضل منها، أعتقد أن جودي التي تعرفت عليها يوم أمس في البار أجمل منها، عندما عزمتها للرقص لم تعترض، لقد أعادتني إلى سنوات الشباب الأولى …
فجأة قرع الباب، ذهب ليفتح فإذا به ساعي البريد
- أهلا ما الخبر هل هناك طرد لنا لم يسعه الصندوق؟
- لا سيد جورج بل هناك رسالة مسجلة للسيدة آدمز، نريد توقيعك عليها.
- حسنا، هات القلم
وقع جورج على وصل الاستلام واستلم الرسالة، رماها جانبا حتى عودتها، نظر إلى الرسالة، أثاره اسم المرسل، فتح الرسالة ليقرأ ما بها رغم معرفته أنه يقوم بعمل غير لائق في الساعات الأخيرة، قرأها مرة ثم أعاد قراءتها، لم يصدق ما بها، هز رأسه وقال
- ألهذا تريدين أن تطلقيني يا بريندا، آخ منك كم أنت أنانية!! وضع الرسالة في جيبه وتوجه فورا إلى محاميه ورمى الرسالة أمامه. قرأ المحامي الرسالة وقال له،
- الان عرفت لماذا تنازلت لك عن كل شيء ليتم الطلاق بسرعة، لقد جاءت هذه الرسالة في الوقت المناسب. لا تخبرها بشيء، فقد خسرت الكثير بذلك. إلى اللقاء إلى الغد في المحكمة.
صباح الثامن من حزيران كانت بريندا مع محاميها أول الداخلين إلى قاعة المحكمة، وجاء بعد ذلك جورج ومحاميه.
افتتحت الجلسة، سأل القاضي إن كان لدى أي منهما أي تعليق قبل النطق بالحكم، رفع محامي جورج يده وطلب من المحكمة استجواب الزوجة بريندا لأنه سيطلب إضافة إحدى الوثائق لملف القضية وقدم للقاضي نسخة من الرسالة، قرأ القاضي الرسالة ثم أعلن موافقته، بعد أن قدم نسخة منها إلى محامي بريندا.
المحامي يوجه أسئلته إلى بريندا
- لقد قلت سيدة بريندا أنك قدمت إلى المحكمة تقريرا بكل ثروتك، أليس كذلك؟
- نعم، كل ما قلته صحيح
- سيدة آدمز، أريدك أن تدققي بهذه الرسالة التي سأقدم نسخة منها للقاضي الآن ليضمها إلى الملف، وقولي للقاضي ما تعليقك عليها؟ قرأت بريندا الرسالة فارتبكت وقالت لن أرد على هذا السؤال، محاميها طلب تأجيل الجلسة لحين دراسته الوثيقة الجديدة، لكن القاضي رفض وأصر على استمرار الجلسة.
- سيدة آدمز لقد كذبت على المحكمة وأنت تحت القسم وكنت تعرفين أنك تمتلكين ثروة تقدر بستة وخمسين مليون دولار ربحتيها من اليانصيب (اللوتري) وقد حاولت أن تؤجلي موعد استلامك المبلغ حتى يوم الغد لتضمني الطلاق أولا
- لا لم .. آآآآ .. ثم أجهشت بالبكاء.
- عاش جورج معك أكثر من ثلاثين سنة وتريدين أن تهربي بالمال لوحدك وترميه في الطريق.
- لا ليس القصد هكذا قال محاميها محتجا
- أعترض على ذلك
- اعتراضك مرفوض، رد القاضي طلب القاضي منها أن تجلس، وقرر تأجيل الجلسة لنصف ساعة ليخرج بالقرار النهائي عاد القاضي لينطق بحكمه التاريخي. كانت مرتبكة بعض الشيء لكنها قالت تمتم لنفسها
- ماذا عسى القاضي أن يفعل سيقسم المال بيني وبينه، لا بأس سأظل غنية رغم ذلك، آه إنها غلطتي، كان علي أن أغير عنواني البريدي، لا بأس لقد حصل ما لم أتوقعه، لكن لم لا أحاول إصلاح الموقف مع جورج؟؟ استدارت إلى جورج وابتسمت له، لكنها فوجئت أنه أدار وجهه عنها غير مكترث بضحكتها الصفراء. انتهى الوقت، القاضي يدخل إلى المحكمة، محكمة، نادى الحاجب، وقف الجميع، جلس القاضي ثم جلس الجميع، نظر إليهما ثم بدأت بتلاوة بداية الحكم، وبعد أن انتهى من المقدمات المعروفة أعن حكمه الذي جعلها تسقط على الأرض مغشيا عليها.
أولا: الموافقة على الطلاق بين بريندا وزوجها جورج بعد زواج استمر 33 سنة وخمسة أشهر وسبعة أيام.
ثانيا: تحرم المدعوة بريندا …. من المال الذي ربحته من دائرة اليانصيب وتعتبر قانونيا من حق زوجها جورج، لأنها كذبت في المحكمة، وهي تحت القسم.
رفعت الجلسة