لقد ضرَبت أمُّ عِمارة مثالاً لتقفَ الأجيال النائمةُ أمامه لعلها تستيقظ من غفلتها .. وتتعلم من أم عمارة تضحيتها ، يوم أحد كان المشركون قد تجمعوا وصوَّبوا سهامهم ووحدوا هجومهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه ، لكن هيهات هيهات :
ما علموا أن ثمَّة أم عمارة هناك ، فوالله ما كان الخطر يدنو من المصطفى إلا وأمُّ عِمارة دونه حتى قال الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه : ( ما التفتُّ يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني ) .
وقال فيها الحبيب - جعلنا الله من أهل سنته - لمَّا رأى شدة بأس هذه المرأة في القتال والثبات والعزيمة قال : ( من يُطيقُ ما تُطيقينَ يا أمَّ عِمارة ) .
أُمُّ عمارة .. ضرب رجُل ابنها بالسيف فجرحه فأبت أن تتركه حتى قتلته واستقادت منه .. ( فرآها النبي صلى الله عليه وسلم وتبسَّم حتى بدت نواجذه وقال : ( استقدتِّ يا أم عِمارة ) وقال : ( الحمد لله الذي أظفرك ، وأقرَّ عينك من عدوك ، وأراك ثأرك بعينك ) .
لقد استحقَّت أُمُّ عِمَارة أن يُعلَّق عليها وِسام أغلى من كل الأوسمة الدنيوية ، قال فيها النبي وفي أبنائها : ( اللهم أجعلهم رفقائي في الجنة ) فهنيئاً ثم هنيئا يا أم عمارة .
لم تَكَلّ ولم تَمَلَّ أمُّ عِمارة بعد موت الحبيب .. بل استمرت في جهادها وبذلها .. حتى قاتلت يوم اليمامة .. وجرحت اثنا عشر جرحاً وقُطِّعت يدها وهي عجوز مُسِنَّة .
فلو كان النساء كمثل هذي ** لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب ** ولا التذكير فخر للهلال
ماذا أقول يا أمة محمد .. لو نظرت إليكم أم عِمارة وأنتم في الملاعب والنوادي .. والأمة تنتهك أعراضها في كل مكان ، والمسجد الأقصى يئنُّ منذ أمدٍ بعيد من الزمان .
ماذا أقول يا نساء أمة محمد .. لو نظرت إليكنَّ أم عمارة وقد تهاونتنَّ في الحجاب الشرعي وآثرتنَّ ما ألقيَ إليكنَّ من زبائل الغرب عبر الفضائيات ماذا أقول يا رجال أمة محمد ..
هل أقول يا ليت لنا رجالا مثل أم عمارة .. نعم والله سأقولها .. يا ليت لنا رجالا مثل أم عمارة !!
أتسبقك وأنت رجلٌ نِسْوَة أوما لك بالرجال أُسْوَة
هنا مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم مكتوب على بابها { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }