ذكر الدكتور محمد حسن سلمان في كتابه صفحات من حياته عند هروبه إلى برلين بعد سقوط حكومة رشيد عالي الكيلاني الوطنية قائلا تحت صفحة هنا برلين حي العرب ( كانت شؤون الدعاية والاعلام في برلين قبل حضورنا موكولة إلى كل من السيد فرج الله ويردي (الاخصائي في الكيمياء) والسيد يونس بحري الاخصائي في كل شيْ ، وهما بأمرة موظف في وزارة الإعلام الالمانية ، وكانت الفوضى ضاربة اطنابها والاستاذ يونس بحري يصول ويجول ، يقول مايشاء ويفعل مايشاء بلا ضابط ولا منهج ، ولكن الحق اقول كان العرب في كافة اقطارهم يستمعون بشغف لاذاعته (هنا برلين) و(حي العرب) ويتأثرون بها وبطريقة عرضها للاخبار وما يرافقها من تعليقات وتحوير كلمات واختراع تعابير لغوية ماانزل الله بها من سلطان مما يجعل من هذه النشرة مصدر ترفيه وتسلية في تلك الايام العصيبة وكان معظم العراقيين يثقون في اخبارها ويتحمسون لها ، ويبنون الامال الجسام على مايرد فيها من بشائر وتكهنات فإذا اذاع يونس إن ( هيئوا السطوح) أو (يبسوا البامية) كان ذلك اللغز في عرفهم معناه استعدوا للانزال فنحن قادمون ، واعدوا السلاح والرصاص وهي البامية فنحن في الطريق . وهكذا كان الجميع في ترقي مشوق لسماع هذه الاذاعة إلى جانب ماكان يستعمله من تحريف للاسماء فعبد الله الامير عبد الله عدو الله ونوري السعيد نوري الشقي وجميل المدفعي قبيح المدفعي إلى غير ذلك من غرائب التعابير وبذيء المصطلحات إلا إن المستمع العربي بما يحمله من مشاعر البغض والكراهية لاعداء العرب كان يستلطف ذلك بطبيعة الحال .
ولما تهيأ لي إن التقي السيد يونس بحري في برلين واسأله عن هذه الأمور والغرائب اجابني بما عرف عنه من جرأة بأنه كان يحضر للاذاعة وهوسكران في غالب الاحيان فيخطر على باله مايخطر الاكلات العراقية الشهية كالبامية والباذنجان وحياة السطوح في الصيف فيلقيها في المذياع جزافاً ولا رقيب . أما قلب الأسماء فهي من عادته وبنات افكاره ومخترعاته . وقد سمعت بنفسي من احد موظفي الاذاعة الكبار مدحاً وثناء على نشاط البحري ، واعترافاً بأن اذاعة (حي العرب) ليونس بحري كانت ركنأ مهماً في نجاح الاذاعة الالمانية في المحيط العربي اثناء الحرب .