ما علاقة الدين بالطرشي؟ وما علاقة الدين بإطارات السيارات؟
هذه ليست نكتة, بل هي قصص واقعية تقع احداثها على ارض العراق المنكوب والمحتل . فأن هناك رجال يقولون عن انفسهم أنهم مؤمنين بينما هم في الحقيقة يحملون الافكار المتشددة في عقولهم المتحجرة ، ويحاولون فرض سيطرتهم على المجتمع العراقي في ظل نكبة العراق ، فالدين الإسلامي الحنيف لا يتحمل هذا التشدد العنيف مثلما يفعل هؤلاء الدجالون في بعض المدن العراقية . (انه دين يسر وليس عسر ). الذين أفتوا بمنع السراويل الرجالية القصيرة الشورت والقمصان الشبابية التي شيرت وأغلقوا صالونات تجميل النساء بعد نسف بعضها,
وأعدموا بعض الحلاقين لأنهم يقصون شعر الرجال علي الطريقة الغربية الكافرة أو يستخدمون الخيط الفتلة في إزالة الشعر الزائد من الوجه. وفي البصرة ـ مثلا ـ منعوا دخول أي طالبة غير محجبة إلي الجامعة حتي وإن كانت مسيحية, وقتلوا أكثر من شاب وفتاة لأنهما كانا يتحدثان معا خلال استراحات المحاضرات, ومنعوا النساء من استخدام الهاتف
المحمول لأنه يشجع علي الرذيلة!
ومعروف عن العراقيين أنهم ـ مثل المصريين وشعوب الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط ـ يعزون الطرشي ويقفون له احتراما, ومن النادر أن تجد مائدة مهما كانت بسيطة لا ويتصدرها صحن الطرشي وبقية المخللات. إلا أن للمتطرفين ـ في بعض المدن العراقية ـ رأيا آخر في هذا الموضوع الإستراتيجي فأصدروا فرمانا بمنع صناعة وأكل الطرشي لأنه مادة مسكرة ورجس من عمل الشيطان! وذكر لي رئيس تحرير إحدي الصحف العراقية الوطنية أن العاملين في مصانع ومحلات الطرشي انضموا إلي جيش العاطلين عن العمل بعد أن تعرضوا لتهديدات بقتلهم بتهمة التجارة في صنف من الخمور لأن الخل يحتاج إلي فترة تخمير ولذلك فهو خمرة!
ومع ذلك, فمن الممكن الاستغناء عن الطرشي إذا كانت عاقبته قطع الرقاب. ولكن ماذا عن الفتوي الأخري التي تمنع إصلاح إطارات السيارات وأدت إلي إعدام بعض العاملين في هذه المهنة واضطرار كثير منهم إلي إغلاق محلاتهم خشية القتل مما أدي بدوره إلي مضاعفة أسعار إصلاح الإطارات لدي المتمردين علي هذه الفتوي. ويقول صاحبي رئيس تحرير إحدي الصحف العراقية المناهضة للاحتلال إن سبب منع إصلاح الإطارات مضحك ومبك في آن واحد.. فهو مبك بسبب الأرواح التي تزهق نتيجة هذا الدجل الإجرامي, ومضحك لأن المتطرفين إياهم يعتبرون العاملين في هذه المهنة كفارا لأنهم يحجزون هواء الله في أجهزة الضغط الكومبريسرات! ومعني هذا, أن السيارات يجب أن تسير بإطارات خشبية مثل عربات العصر الروماني. وتشمل هذه الفتوي الدراجات الهوائية والبخارية لأنها تستخدم إطارات تملأ بالهواء. ويسري نفس الحظر على إطارات الطائرات بجميع أنواعها المدنية والعسكرية والهليكوبتر.
فإذا أرادت الجماعة شرح فتواها فهي ستشمل بالونات الأطفال التي تسمي في العراق نفاخات والمناطيد الهوائية وأنابيب الغاز لأنها كلها تعتمد علي حجز هواء الله كما يقول هؤلاء القوم. وما ينطبق علي تلك الأمور ينطبق مباشرة علي كرات القدم والطائرة والسلة. ومعني ذلك أننا يجب أن نعود إلي استخدام الكرة الشراب بالمصري وكرة الجواريب بالعراقي!
وبناء عليه, واستنادا إلي ما تقدم أيها السادة, فإن مباريات كأس العالم الجارية الآن هي رجس من عمل الشيطان وحرام ولا يجوز المشاركة فيها أو مشاهدتها ولو عبر التلفزيون. فالهواء المضغوط في الكرات المستخدمة في اللعب هواء محجوز خلافا للشريعة التي يؤمن بها هؤلاء المفكرون الأفذاذ الذين قلما تجود البشرية بأمثالهم من العباقرة. وعلي اتحادات كرة القدم العربية والإسلامية أن تعيد النظر في الكرة المستخدمة في اللعب وأن تطلب من الاتحاد الدولي للعبة استخدام كرة من القش أو القماش بالإضافة إلي إنذار اللاعبين بعدم أكل الطرشي.